الشعبنة الحجازية- تراث يجمع القلوب استعداداً لرمضان

المؤلف: ريهام زامكه10.08.2025
الشعبنة الحجازية- تراث يجمع القلوب استعداداً لرمضان

تُعد «الشعبنة الحجازية» إرثًا عريقًا وتقليدًا بهيجًا، تناقلته الأجيال جيلًا بعد جيل، حيث يحتفي الناس من خلاله بموروثهم الثقافي ابتهاجًا بقرب حلول شهر رمضان الفضيل. وتعود كلمة «شعبنة» في هذا السياق إلى شهر شعبان، الذي يمثل فترة الاستعداد والتهيؤ لاستقبال شهر الصيام والقيام. وفي غضون هذا الشهر، تُقام احتفالات جليلة تُعرف بتقليد «الشعبنة» الحجازية الأصيل، الذي يربط الماضي الزاهر بالحاضر المشرق، ويعزز أواصر المودة والروابط الاجتماعية المتينة. إنها موروث شعبي أصيل يعيد إحياء قبسًا من العادات الرائعة التي نحرص بشدة على صونها من الزوال والاندثار من حياتنا. في الليالي الشعبانية المفعمة بالبهجة والسرور، يتلاقى الأهل والأحبة والخلان حول موائد الأكلات الشعبية الشهية، ويضفون على الأجواء أنغامًا من الفرح والبهجة والمسرات. وعلى الرغم من تنوع العادات والتقاليد، يظل حب التواصل والإصرار على الاجتماع والتلاقي هو المعنى الحقيقي والجوهر الأسمى لتلك اللحظات الثمينة، وكأن هذا اللقاء العذب هو المقصد الأنبل الذي يعزز مشاعر الألفة والمحبة ويجمع القلوب على الخير والوئام بين جميع المشاركين. ولعل السر الدفين وراء تمسكهم الراسخ بهذا التقليد العريق يكمن في حرصهم الدائم على إحيائه وتنشيطه وتعزيز الروابط الاجتماعية الحميمة فيما بينهم، لا سيما وأن عادة الشعبنة بدأت تتلاشى وتخبو في حياة بعض من أهالي الحجاز الكرام. ويصعب تحديد الإطار الزمني الدقيق والامتداد التاريخي الأصيل لهذه العادة الحميدة استنادًا إلى المصادر المتاحة التي تهتم بتوثيق تاريخ الحجاز وتراثه العريق. ومع ذلك، يشير بعض الباحثين والمؤرخين إلى أنها عادات اجتماعية بهيجة تطورت وترعرعت مع مرور الزمن وفقًا لظروف وأحوال كل فترة ومكان، جنبًا إلى جنب مع التغيرات الاجتماعية المختلفة التي طرأت على المجتمع. في المقابل، يرى فريق آخر من الناس أنها بدعة وضلالة وخرافات لا أساس لها من الصحة، تمسك بها بعض الأهالي وتوارثوها عبر الأجيال الغابرة. ولكن في واقع الأمر، يتمسك الأبناء الأعزاء بتلك العادات القيّمة النبيلة، التي تعزز علاقاتهم المثمرة وتترك بصمة إيجابية وانطباعًا حسنًا في نفوسهم، ولا نأمل أبدًا أن تختفي أو تتلاشى هذه العادات الجميلة من حياتنا. وعلى كل حال؛ لا يوجد أي ضلالة أو إثم في عادة نبيلة تجمع الأحبة وتقربهم، بل هي فرصة سانحة تزيد من الفرح والبهجة في حياتهم، وتقوي الروابط بينهم بدلًا من أن تفرقهم وتباعدهم، فلتحيوا الشعبنة ولتستمتعوا بأوقاتكم الممتعة مع من تحبون وتهوون. وقبل أن أودعكم مودعًا محملًا بالود والتقدير؛ اسمحوا لي أن أتقدم بخالص التهاني وأزكى التبريكات بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، وكما جرت العادة الحميدة، ألقاكم على خير ما يرام بعد أيام عيد الفطر السعيد، وكل عام وأنتم بألف خير وسعادة وهناء.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة